وسط أزمة عالمية تضرب منتج القهوة.. مصر تنجح في زراعة البن لأول مرة.. هل يتحقق الاكتفاء الذاتي قريبا؟

حاول المصريون القيام بتجارب عديدة  لزراعة بذور البن داخل الأراضي المصرية من سنة 1985.. تلك المحاولات دامت محولتهم لأكثر من 40 سنة لاستبدال استيراده من الخارج وزرعه أفضل، ولكن كانت تجارب مليئة بالفشل، إلى أن وصل لمصر أشجار البن كهدية من دولة اليمن الشقيقة، وبدأ مركز بحوث البساتين بمدينة القناطر الخيرية، والتابع لوزارة الزراعة، الإجتهاد لنجاح هذه التجربة بعد سنين طويلة.

وقالت الدكتورة نهاد مصطفى، استشاري زراعة البن والأستاذ المتخصص في الزراعات الاستوائية في مركز بحوث الجيزة، والمشرفة على حقول البن المصرية، إن محطة بحوث القناطر الخيرية التابعة لمركز بحوث البساتين نجحت لأول مرة منذ إنشائها في زراعة البن.

وكشفت الدكتورة إن السبيل الوحيد للحفاظ على أشجار البن هو زراعتها تحت أشجار المانجو والنخيل والأفوكادو ليوفر رطوبة لنمو أشجار البن، إلا أن التجربة الحالية أثبتت نجاح زراعة البن تحت الشمس مباشرة وبدء عملية الحصاد لهذه الثمار. 

وأوضحت، أن الفريق عمل على زراعة شتلات البن لانتشارها بين المزارعين، مشيرة إلى أن الظروف المناخية الحالية ساعدت على نجاح التجربة وبنسبة كبيرة، حيث إن الأبحاث بدأت على أرض الواقع منذ عام 2007، ولا زالت مستمرة لتطوير الشجرة وسهولة زراعتها للمزارعين.

تحركات مصرية للتوسع في زراعة البن

بعد نجاح تجربة زراعة البن في مصر، تقدم النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بشأن خطة التوسع في زراعة بعض المحاصيل التي يتم الاعتماد عليها من خلال الاستيراد مثل البن والشاي وغيرها.

وأشار النائب في طلب الإحاطة، إلى أن الأيام الماضية، شهدت الإعلان عن نجاح الباحثون في معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية في تحقيق نتائج إيجابية جديدة في زراعة أشجار البن بالأراضي المكشوفة، وتحقيق إنتاجية جيدة من الفدان الواحد، في خطوة أولية لزيادة المنزرع من مساحات البن الذي تستورد مصر منه سنويا قرابة الـ70 طنا.

وأكد زين الدين، أن تلك الخطوة هامة للغاية، في ظل ارتفاع أسعار البن عالميا، واعتماد مصر الكلي على الاستيراد من الخارج، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي في تقليل الضغط على العملة الصعبة.

وأكد عضو مجلس النواب، أن وزارة الزراعة لديها العديد من المراكز البحثية التي يمكن الاستفادة منها في عمل البحوث والدراسات، بشأن زراعة بعض المحاصيل المختلفة، مشددا على ضرورة قيام الحكومة بتقديم كافة أنواع الدعم اللازم لهذه المراكز، لاسيما وأن بها كفاءات كبيرة يمكن الاستفادة منها.

وتتزامن تلك الخطوة التي قامت بها مصر، مع أزمة عالمية تضرب منتجات القهوة ومحصول البن عالميًا، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي دفعت إلى تراجع الإنتاج، وكذلك ارتفاع أسعاره لأرقام قياسية، فما أسباب تلك الأزمة؟

أزمة البن عالميا.. ما الأسباب؟

تعتبر دولة البرازيل في أمريكا الجنوبية أكبر منتج للبن في العالم، يساعدها على ذلك طبيعة المناخ في أراضيها والتي تعد مناسبة بشكل ممتاز لزراعة الحبوب، وبلغت الارتفاعات في أسعار البن على مستوى الأسواق العالمية أكثر من 13٪ لتسجل أعلى مستوى خلال عامين وهناك بعض أنواع البن التي قفزت أسعارها لأرقام قياسية لم تحدث منذ 7 سنوات. 

تتزايد المخاوف عند مدمنين الكافيين بشكل عام خاصة القهوة من عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم من البن خلال الفترة المقبلة وخاصة بعد الحديث عن وجود أزمة عالمية في محصول البن خاصة في الدولة الأم في الإنتاج وهي البرازيل، ولكن المشكلة ليست في نقص الكميات فقط ولكن تتعلق أيضا بالارتفاعات الكبيرة في الأسعار.

الأزمة العالمية للبن بدأت في النصف الأخير من شهر يوليو الماضي بسبب التغيرات المناخية الغير مسبوقة التي تعرضت لها البرازيل حيث انخفضت درجات الحرارة لمستويات التجمد في دقائق وتعتبر من أسوأ موجات الصقيع ضررا على الإطلاق حيث أدت إلى دمار المحاصيل هناك، مخلفة أضرارا واسعة في محصول البن البرازيلي.

أوضح معهد الأرصاد الجوية الوطني في البرازيل، إن البلاد تعيش أسوأ موجة برد منذ ما يقرب من 30 عامًا، وسجلت درجات الحرارة دون الصفر درجة مئوية ومن خلالها آضر عدد كبير من محاصيل البن العالمي، وليس فقط دمار المحاصيل، فبعضهم أزال الأشجار المتضررة بشدة وسوف تستغرق النباتات المزروعة حديثا عدة سنوات لتنمو. علاوة على ذلك، فهم يواجهون أيضا ارتفاع تكاليف الأسمدة ونقص العمالة، وبينت عدة دراسات أن التغيرات المناخية السائدة تهدد أكثر نوعين من البن انتشارًا في العالم، وهما بن أرابيكا الذي يمثل 70% من إنتاج القهوة العالمي، وبن روبوستا الذي يمثل نحو 30% من الإنتاج العالمي.
وهناك 5 دول عاى مستوى العالم تتحكم في الغالبية العظمى من الإنتاج العالمي من البن وعلى رأسها البرازيل والتي حسب إحصاءات عام 2018 أنتجت 3 ملايين و164 ألفا و100 طن من البن، ويليها فيتنام في المركز الثاني بإجمالي مليون و770 ألف طن، ثم كولومبيا بـ 840 ألف طن، وإندونيسيا 654 ألفا و120 طنا، وهندوراس 462 ألف طن من البن.

أسباب ارتفاع سعر البن

هددت التغيرات المناخية عدة دول فى العالم، بارتفاع أسعار البن فى دول الإنتاج، وخاصة فى البرازيل، حيث دولة البرازيل ارتفع فيها أسعار القهوة من جديد، وذلك نتيجة للجفاف الشديد التى تعانى منها منطقة ميناس جيرايس فى البرازيل، المسئولة عن حوالى 30% من إنتاج البن.

كشف حسن فوزي رئيس شعبة البن في الغرفة التجارية في القاهرة أسباب زيادة أسعار البن في السوق المصرية خلال تصريحات تلفزيونية وقال إن أسعار البن ترتبط بعاملين رئيسيين وهما، البورصة العالمية، وسعر الدولار أمام الجنيه، مشيرًا إلى أن أي زيادة فيهما تنعكس بصورة مباشرة على هذه الأسعار.

وأوضح  إلى أن أسعار البن في البورصة العالمية مرتفعة خلال الفترة الراهنة، بسبب نقص محصول البن في فيتنام بنسبة 15%، وتعتبر من أكبر الدولة الآسيوية في العالم تصديرًا للبن بعد البرازيل.

شهدت أسعار البن خلال الأيام الماضية سلسلة من الارتفاعات الكبيرة والمتتالية، ليتخطى سعر الكيلو لأول مرة في مصر حاجز الـ 900 جنيه، حيث علق محمد نظمي، نائب رئيس شعبة البن، على الارتفاع الجنوني، موضحًا أن «هذا الأمر يحدث عالميًا وليس في مصر فقط، فقد أثر المناخ على المحاصيل في العالم كله، وكل دولة منتجة للبن تحاول تصدير محصولها. »

أمريكا تلجأ للبديل

تعد أمريكا من الدول العظمى التي لم تقبل الهزيمة أو أن تكون في موضع قيد، فبعد التغيرات المناخية التي حدثت بداخل أمريكا الجنوبية تحديدا في البرازيل والأضرار التي لحقت بمحاصيل البن العالمية والانبعاثات البيئية الضارة عن كل شجرة، قام بعض الخبراء في الدولة العظمى ببدائل أكثر استدامة لبذور القهوة الطبيعية، بحيث كشفت الدراسات عن إمكانية صناعة القهوة من بذور التمر والجوافة مما يجعل بدائل طبيعية وإعادة تدوير لمخلفات يمكن الاستفادة منها بيئيا وصحيا، وذلك بدءًا من شهر أغسطس المقبل.
تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الدولة العطمى في المقدمة دائما بتقديم بدائل أكثر استدامة للقهوة التقليدية والتي تشكل أزمة عالمية حاليا، مع الحفاظ على جودة المذاق.

ظاهرة غش البن

بعد الإرتفاع المستمر في أسعار القهوة بسبب التهديدات المناخية التي تواجه العالم ، أدى إلى كثير من التجارالغش في محاصيل البن لعدم توافرها بشكل كبير،مما أدى إلى انخفاض جودة القهوة، حيث تكون القهوة المغشوشة أقل نكهة وأقل تركيزًا في الكافيين. قد يحتوي البن المغشوش على مواد ضارة، مثل البكتيريا أو الفطريات أو السموم. قد يصاب بعض الأشخاص بأعراض حساسية تجاه مكونات القهوة غير الأصلية، مثل الجلسيرين أو السكر.