تاريخ التعليم في الأحساء.. من المدرسة الأميرية إلى مدارس الموهوبين

تتمتع الأحساء بتاريخ حافل في التعليم، فبداية من “المدرسة الأميرية” تطور مستوى التعليم يومًا بعد الأخر حتى وصل إلى مدارس للموهوبين.
وفي خطوة مهمة للطلاب الموهوبين في الأحساء، وقعت الإدارة العامة للتعليم بالمحافظة، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع ”موهبة“، اتفاقية تعاون لتقديم منح للطلبة الموهوبين ضمن برنامج فصول موهبة.
الاتفاقية ستحدث نقلة نوعية لموهبي الأحساء ومعلميهم، إذ تتيح لهم الوصول إلى المناهج العالمية المتقدمة، وتطوير مهاراتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.
وتطبق الاتفاقية بدءاً من العام الدراسي القادم 1446هـ وتشمل ثلاث مراحل، تبدأ بتطبيقها في الصف الأول ثانوي في مجمع حمد بن محمد الجبر التعليمي بالمبرز بعدد ثلاثة فصول، ثم إضافة 3 فصول للصف الثاني ثانوي في العام الدراسي الذي يليه، وهكذا بعد ثلاث سنوات يتم اكتمال تحويل القسم الثانوي في مجمع الجبر التعليمي لمدرسة مخصصة للطلاب الموهوبين.

تاريخ التعليم في الأحساء

ورغم مرور 82 عامًا منذ إنشائها، تعد “المدرسة الأميرية” أو”مدرسة الهفوف الأولى” في محافظة الأحساء أحد أبرز المعالم والبدايات للحركة التعليمية النظامية في المنطقة، وشاهدةً للانطلاقة الأولى لمسيرة وتاريخ التعليم في المملكة.
مسميات عدة أُطلقت على المدرسة منذ إنشائها بحسب سيرتها التاريخية، فكانت البداية بمسمى مدرسة الأحساء الأميرية ثم مدرسة الأحساء الأولى فمدرسة الهفوف وأخيراً “بيت الثقافة”.
وتخرج من هذه المدارس عدد من المسؤولين الذين خدموا الوطن في مواقع مختلفة.

المدرسة الأميرية في الأحساء- واس

المدرسة الأميرية

تتميز المدرسة بمبناها وتصميمها التراثي، وفنون الهندسة المعمارية وجمال الأحجار والبنيان، وما تحتضنه هذه العمارة من إرث معماري وتاريخي وتعليمي كبير، من أقدم المدارس الحكومية النظامية، من خلال انطلاقها 1356هـ، وافتتاحها رسميا في محرم 1360هـ.
وتختزن تاريخا وصفحات لمجموعة من الشخصيات والأعلام في مجالات الأدب والثقافة والاقتصاد، من أبرزهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكة المكرمة الذي درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين في الأحساء، والوزير الدكتور غازي القصيبي ــ رحمه الله ــ ، وقد تخرجت أول دفعة في المدرسة، التي بلغ عددها 70 طالباً، سنة 1943م.
ووفقًا لوكالة “واس”، أوضح الباحث في التاريخ والآثار خالد الفريدة، أن الأحساء تميزت قديما بطلب العلم وبكثرة العلماء والكتاتيب والأسر العلمية، مشيرا إلى قصة التعليم شبه النظامي بالأحساء تعود لما قبل عام 1019م.
وأشار إلى أن بداية المدارس النظامية في مدينة الأحساء تعود مع تأسيس مدرسة الراشدية عام 1319هـ في وسط حي الكوت، وبعد فتح الأحساء عام 1331هـ على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – أقفلت المدرسة الراشدية، وفي عام 1343هـ تم تأسيس مدرسة النجاح بحي النعيم بالنعاثل بالهفوف.

التبرع لبناء المدرسة

وفي عام 1356هـ جرى افتتاح أول مدرسة حكومية نظامية بالأحساء عرفت باسم” مدرسة الأحساء الأميرية” واختير لها مبنى الحميدية الذي اشتهرت به والكائن بجوار سوق القيصرية في الهفوف الذي كان في الأصل دار للبلدية وسجل فيها 40 طالباً وفي خلال عدة أسابيع بلغ عدد طلابها 160طالباً، وفقًا لـ”الفريدة”.
وتابع بأنه في عام 1358هـ جرى تشكيل جهاز الشرطة في الأحساء فطلب الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي من المسؤولين عن المدرسة إخلاء مبنى الحميدية ليكون مقراً للشرطة فدخلت المدرسة أزمة البحث عن مقر وتبرع الشيخ محمد بن الشيخ حمد النعيم بمنزله لمدة عام ليكون مقراً للمدرسة.
ونظراً لحماس الأهالي للعلم ورغبتهم في استمرار الدراسة بالمدرسة وبفضل جهود مدير المدرسة محمد النحاس الذي تمكن من جمع الأموال والمواد لبناء مدرسة رسمية حيث كان يزور الأهالي من منزل لآخر ويحثهم على التبرع لبناء المدرسة، فتبرع الشيخ إبراهيم السبيعي بتقديم الأخشاب وتبرع آخرون بمبالغ نقدية بلغت 3200 ريال.

المدرسة الأميرية في الأحساء- واس

مدينة الهفوف القديمة

وأسهمت البلدية في شراء بستان الشعيبي وخصصت قطعة منه لبناء المدرسة نظير أربعمائة ريال، ومن هنا تمكن الأهالي من بناء مقر للمدرسة باسم “مدرسة الأحساء الأميرية”، إذ شيدت المدرسة على هضبة أم الخبيصي التي كانت في الأصل بستاناً يملكه أحد أفراد أسرة الشعيبي اشتري منه لتقام عليه المدرسة ويقع في الجزء الشرقي من مركز مدينة الهفوف القديمة بحي النعاثل بالقرب من أسواق الأحساء الشهيرة مثل سوق الدهن وسوق اللحم وسوق الغنم وسوق التمر وسوق السويق وسوق الحراج وسوق الصيرفة وسوق القيصرية.
وأوضح الفريدة، أن المدرسة الأميرية افتتحت يوم الاثنين 11 محرم من سنة 1360هـ ، ولا زالت السجلات الرسمية للمدرسة محفوظة وتظهر أعداد المعلمين والطلاب والمستخدمين والصفوف منذ تأسيسها عام 1356هـ إلى عام 1374هـ بعد أن تم تغيير اسمها إلى مدرسة الهفوف الأولى، ثم في عام 1388هـ تم تخريج أول دفعة.
وتلقى طلاب المدرسة بداية علوم الدين وعلوم الحساب والرياضيات والعلوم التجارية وبعد الافتتاح عام 1360هـ التحق بالمدرسة عدد من الطلاب بالإضافة للطلاب المسجلين ما بين عام 1356هـ وحتى عام 1360هـ الذين درسوا في بيت النعيم ومدرسة الأحساء الأميرية، وتخرج أول فوج من المدرسة وعددهم 70طالباً سنة 1362هـ.

فن العمارة الإسلامي

مبنى المدرسة وأقسامه شُيد على الطراز الإسلامي، فمدخل المدرسة الشرقي جرى تصميمه وفقاً لفن العمارة العربي الإسلامي بحيث يبرز عن الجدار الشرقي للمبنى باتجاه الشرق مشكلاً شرفة يرقى إليها الداخل عبر سلمي درج على جانبي المدخل ويتوج المدخل أربعة عقود اثنان مقابلان للباب المؤدي إلى داخل المدرسة يحملهما ثلاثة أعمدة وآخران متقابلان يعلوان نهاية درج المدخل من أعلى وتتخلل جدران المبنى الخارجي من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية نوافذ كبيرة مستطيلة الشكل تطل من خلالها غرف المبنى على الشارع.
وفي وسط المبنى من الداخل تجد فناء جميل مربع الشكل تقريباً تحيط به من الجهات الأربع أروقة تحملها عقود نصف دائرية تتوج صفوف الأعمدة المطلة على الفناء بحيث تبرز فنون العمارة المحلية المستقاة من فنون العمارة العربية والإسلامية.
ويوجد بهذه الأروقة عدة أبواب تنفذ من خلالها إلى قاعات الدراسة التي بدورها تطل نوافذها على الشارعين الشمالي والجنوبي.

القارات السبع

وفي داخل المدرسة، يظهر عبر بابها الرئيس على جانبي المدخل مباشرة غرفتان متقابلتان إحداهما شمالية والأخرى جنوبية، وكان يشغل هاتين الغرفتين طلاب السنوات الخامسة والسادسة، وبعد هاتين الغرفتين توجد قاعتان كبيرتان متقابلتان إحداهما شمالية مخصصة لأعضاء هيئة التدريس بالمدرسة وجنوبية مخصصة للرسم.
وتزينت جدران الصفوف المتقدمة مثل الصف الخامس والسادس خريطة أو أكثر من خرائط القارات السبع لأغراض تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا.